الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

أمي وأبي… من جوالكما بدأت صدمتي!

بقلم / سلوى راشد الجهني :

في زمن أصبحت فيه الأجهزة الذكية جزءًا من تفاصيلنا اليومية، باتت الهواتف المحمولة مرآة لحياتنا العائلية. ولكنها في أحيان كثيرة تتحول إلى مصدر جرح عميق حين تُهمل خصوصية الأبناء، وتُعرض أسرارهم في محادثات لا يُراعى فيها جانب الحماية أو الحذف.

كم من ابنٍ أو ابنة اكتشفوا تفاصيل عن أنفسهم بالصدفة: محادثات مع معالج نفسي، أو شكوى من معلم، أو حتى وصف لحالتهم العقلية أو السلوكية!
موقف كهذا لا يُنسى، بل يُحدث صدمة داخلية تجعل الطفل أو المراهق يصمت، يكبت، أو يتمرد.

أولًا: ما خطورة انتهاك الخصوصية على الأبناء؟

1. الصدمة النفسية: يرى الابن ذاته وكأنه “ملف مفتوح”، مما يولّد ألمًا داخليًا.

2. فقدان الثقة بالوالدين: يتساءل الطفل: “هل هما معي؟ أم يتحدثان عني؟”

3. اللجوء للكتمان: يخشى الأبناء البوح بما في داخلهم، فيكبتون خوفًا من أن يُنقل ما يقولونه.

4. نشوء مشاعر خجل أو دونية: خصوصًا إذا كانت المحادثات تتضمن تقييمات جارحة أو وصفًا لحالة عقلية أو سلوكية.

5. التمرد أو الانعزال: كردة فعل للخذلان أو التطفل غير المقصود.

ثانيًا: حديث نبوي شريف

> قال النبي ﷺ:
“المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”
– رواه البخاري

فكيف إذا كان الابن نفسه هو الذي يتأذى من لسان والديه؟
الحديث لا يختص بالغرباء فقط، بل يشمل القريب قبل البعيد، والولد قبل الناس.

ثالثًا: ماذا يقول العلم والإحصاء؟

وفقًا لدراسة نُشرت في Journal of Adolescence عام 2023:

> 41% من المراهقين شعروا بالقلق أو الحرج الشديد بعد اطلاعهم على محادثات خاصة تتعلق بهم على هواتف أحد الوالدين.
كما أظهرت دراسة لجامعة كامبريدج عام 2024:

> 60% من المشكلات النفسية لدى المراهقين كان أحد مسبباتها فقدان الشعور بالأمان داخل الأسرة، خصوصًا بسبب انكشاف الأسرار الشخصية.

رابعًا: خطوات عملية لحماية خصوصية الأبناء:

1. وضع كلمة مرور قوية على الهاتف دائمًا.

2. حذف المحادثات التي تحتوي على معلومات شخصية عن الأبناء.

3. استخدام تطبيقات آمنة لحفظ الاستشارات أو تشفيرها.

4. التحدث مع الأبناء بشفافية إذا كانت هناك مشكلة، لا خلف ظهورهم.

5. الانتباه عند إرسال الرسائل أو فتح التطبيقات أمام الأبناء.

> “حين يفقد الابن ثقته في حضن أمه أو كتف أبيه، لن يجد في العالم من يحتمله.”
– د. مصطفى محمود

فالختام ليس كل ما يُقال في الجوال يُنسى…
وليس كل من يقرأ، يستطيع أن يواجه.

خصوصية الأبناء ليست خيارًا، بل حق إنساني وتربوي ونفسي.
ففي لحظة من الغفلة قد تفتح هاتفك… ويُفتح معه جرح في قلب ابنك.

كونوا حصنهم لا مرآتهم المكشوفة، وسرّهم لا قضيتهم المتداولة.
علموهم الثقة… لا المكابرة، علموهم البوح… لا الكتمان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى